مرآة النقد

قراءة في رواية “المرتزق رقم 9” لسميحة التميمي.. كان عليها أن لا تموت!

د. خالد بن سفير القرشي - المملكة العربية السعودية أولاً : مقدمة لابد منها : أود البدء من مراد الله، يوم أراد الوجود الإنساني على الأرض، يوم أراد جل في علاه، أن يجعل الإنسان خليفة في الأرض، فقال للملائكة : ﴿ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾.فأراد أن يجعلنا في الأرض أقواما يَخْلُف بعضُنا بعضًا لعمارتها. فقالت له الملائكة : ما الحكمة في خلق هؤلاء؛ خشية الإفساد في الأرض وإراقة الدماء ظلمًا وعدوانًا، يا ربنا نحن طوع أمرك، ننزِّهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، ونمجِّدك بكل صفات الكمال والجلال؟ فقال الله لهم: إني أعلم ما لا تعلمون من المصلحة الراجحة في خلقهم.ومن هذه الآية الكريمة الواضحة الجليلة الصريحة، تتجلى لنا مخاوف الملائكة، مخاوفها السابقة لنا، ولكل هذا الوجود الإنساني الذي نراه ونعيشه، ونرى عظائمه وعواقبه، من إفساد في الأرض، ومن إراقة الدماء! .. أقول هذه المقدمة التذكيرية بالوجود الإنساني الأول، وبلحظة ميلاه، لنعلم أننا أمام رواية توافق الملائكة حسا وأدبا، رواية وجودية إنسانية أصيلة المبدأ، عميقة الغور، بعيدة المرمى، نبيلة الغايات، وجدانية الفيض، أدبية الصبغة، صوفية النزعة!ولأن الكاتبة عربية أردنية وترجع أصولها إلى نجد الخليج وتسكن في الشارقة، فقد استحقت أن تكون متحدثة...

من الإهداء إلى القارئ.. تمثلات المعاناة النسائية في “صديقة الأمل”

آمنة الربيع تعد مجموعة "صديقة الأمل" أول إصدارات الكاتبة وداد الإسطنبولي فـي القصة القصيرة. صدرت الطبعة الأولى فـي عام 2024 عن "الآن ناشرون وموزعون" فـي الأردن، وتضمنت تسع عشرة قصة، من أبرز عناوينها: «اختاري الأسود، خور روري، استنزاف، أمل، بعثرة، خربشات، لمن القبعة؟، خيانة، دهشة، أحمد، حب وضياع، العروس والحلي، الأطلال، صانع سفن، صانعة المصافات، صانع حلوى، أمي ترضع عنزًا، صندوق الأسرار، والمجمر». تسعى هذه المقالة إلى تحليل الأبعاد التفاعلية فـي العتبات النصية، وتفكيك تمثلات المعاناة النسائية فـي القصص.فـي العتبات النصية يتمحور الخطاب حول الذات والقارئ. ينفتح الغلاف على رمزية الأمل بوصفه طاقة داخلية تنبثق من الذات، لا مجرد فكرة مستحضرة من الخارج. تتجسد هذه الفكرة بصريًا من خلال تصميم الغلاف، الذي يوظف عناصر كالفراشات بوصفها رمزًا للتحول والقوة الناعمة، وهو ما تنسجه الكاتبة لاحقًا فـي المتن السردي، كما فـي قصة «استنزاف»، حيث تقول البطلة: «الآن أنت تعلمين وجهتكِ، وخطواتكِ... غربت شمسٌ، وأشرقت شمسٌ أخرى»، أو فـي قصة «صندوق الأسرار»، حين تقول رحاب: «لم يكن الطلاق بالنسبة لي فشلًا، وإنما كان طاقة دفعتني إلى إثبات وجودي».يلفت الانتباه أيضًا الإهداء الذي تصدرت به الكاتبة مجموعتها: «... إلى ذاتي، إلى صديقة الأمل، أقف قليلا هنا وينحني القلم، ويتوقف الكلام. إليها صديقة الأمل، ذاتي البهية المشبعة بالطموح والأمل، المؤمنة بالفجر...». فـي هذا النص...

الهجرة إلى المجهول: قراءة في رواية “مراكب الكريستال” للأديب الإرتري أبو بكر حامد كهال

دراسة بقلم: د. شعبان عبد الجيِّدحين انتهيت من قراءة رواية “مراكب الكريستال” للأديب الإرتري أبو بكر حامد كهال، تأكد لي ما استقر عند أكثر النقاد المعاصرين، من أن الرواية، من بين الفنون الأدبية كلِّها، تبدو جنسًا أدبيًّا مراوغًا، شكلًا ومضمونًا، فليس لها إطار محدَّد، ولا قواعد ثابتة، ولا يمكن أن نحصر أشكالَها أو نستقصيَ موضوعاتها؛ فكاتبها يسرد الأحداث دون أن يقيده الزمان ولا المكان، ودون أن تحدَّه ضوابطُ الطول أو القِصَر، كما أنه ليس مقيَّد اليدين إزاء الوصف والاستطراد وعدد الشخصيات، وهو ما نجده بتمامه في هذه الرواية. تقع “مراكب الكريستال” في أقل من سبعين صفحةً من القطع المتوسط،، تُقرَأُ كاملةً في جلسةٍ واحدة. وهو ما يجعلها، من حيث الحجم على الأقل، رواية قصيرة Novelette، وهي قصة سردية نثرية، أطول من القصة القصيرة وأقصر من الرواية الطويلة. جاءت وكأنما كُتبت دفعةً واحدة، غير مقسمة على فصول، ولعل هذا ما جعلها تركز على حدثٍ واحد، وفكرة واحدة، وموضوع محدَّد، وتعتمد على عددٍ محدودٍ من الشخصيات الرئيسية، وعددٍ قليلٍ من الشخصيات الثانوية. لكنها تترك انطباعًا قويًّا لدى القارئ، تمامًا مثلما تمثل همًّا مورِّقًا في ضمير الكاتب. • رواياتٌ أخرى للمؤلف: ولا أدري لماذا أحسُّ أن الأستاذ أبو بكر كهال على عجلة من أمره فيما يخرج لنا من قصص وروايات؛ ويبدو كأنما أحدٌ يلاحقه وهو...

المرأة والعلاقة خارج النسق .. قراءة في الأسطورة سليمة بنت غفيل بين الحقيقة والوهم المتخيل

آمنة الربيع عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء والآن ناشرون وموزعون، صدر للأديبة الشاعرة الأكاديمية الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية، كتابا بعنوان «الأسطورة سليمة بنت غفـيل بين الحقيقة والوهم المتخيل». تحوي الطبعة الأولى للكتاب 2024م (مقدمة، كلمة شكر وعرفان، وتمهيد، وفصلان: الفصل الأول (أماكن وجود الميدان)، والفصل الثاني (من هي بنت غفـيل سليمة المسكرية؟)، الخلاصة، الختام، فقائمة بالمصادر والمراجع، فالسيرة الذاتية للباحثة.يتضمن الفصل الثاني أربعين صفحة، إذا ما قورن بعدد صفحات الفصل الأول البالغة أربعة وعشرين صفحة.خطاب الحب لدى سليمة بنت غفـيل وشاعرات الهامش حين يخرج صوت امرأة من بيئة تقليدية محافظة ليعترف بحبٍ لم يكن داخل مؤسسة الزواج، بل فـي علاقة حرّة «غير مرخّصة» اجتماعيًا، فإننا أمام خطاب أدبي يتقاطع فـيه الوجد الشخصي والتمرد الثقافـي، ويتكثف فـي نصوص شفوية أو منسوبة لشخصيات غامضة مثل سليمة بنت غفـيل، الشاعرة العُمانية التي لا نعرف من حياتها إلا ما جاء على ألسنة الرواة.سليمة بنت غفـيل، كما يشير أحد الحافظين لشعرها، أحبت شاعرًا نبطيا وساكنته، لأنه كان صاحبها لا زوجها. هذه العبارة البسيطة تحمل دلالات صادمة حين تُقرأ فـي إطار مجتمع يُعرف عنه التمسك بالعادات الصارمة، والتحفظ على العلاقة بين الجنسين. غير أن هذا «الخرق» لا ينبغي قراءته كقصة عاطفـية خارجة عن المألوف فحسب، بل كتمثيل لموقع المرأة فـي الثقافات الشفهية، ولقدرتها على إنتاج...

مع هدى الشماشي .. الكاتبة التي تبحر في عالم الإبداع ضد التيار

إلياس الخطابي* شكرا لك هدى على قبول الدعوة. في سنة 2014 حازت روايتك “الشيطان” على جائزة مهمة، وهي الرتبة الثانية لجائزة دوزيم للأدب، لكن اخترتِ عدم نشرها. ما الذي دفعكِ لاتخاذ هذا القرار رغم الاعتراف المبكر بموهبتك؟ – كنت عندها في التاسعة عشر من عمري، وأعتقد أنه العمر المناسب للقراءة ومجابهة الأفكار جميعها وتمحيصها وممارسة نوع من التجريب الحر وتعلم الكتابة. لم يكن الأمر بالطبع أنني قد تلقيت عروضا كثيرة للنشر أو ما شابه، لكنني لم أسع لذلك أصلا، وبعد أشهر صار العمل يبدو لي ساذجا جدا، ويتسم بتلك الغنائية الحزينة التي تميزنا في بدايات الشباب والأحلام، وقلت لنفسي أنني لا أريد للناس أن يقرأوا هذا الكلام ولا أريده أن يكون جزءا “معترفا به” من مساري الإبداعي.* أنت حاصلة على الإجازة في علوم الفيزياء. كيف أثّرت خلفيتك العلمية الفيزيائية على كتابتك الأدبية، وهل تجدين تداخلاً ما بين الدقة العلمية والخيال السردي مثلا؟ – أعتقد أن الفيزياء وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون قائمة على الخيال في كثير من أوجهها. ولذلك لا يتم قبول النظريات الجديدة بسهولة دائما. ثمة جرأة معينة وخيال من نوع خاص يمتلكه العالم الذي يقرر أن يخطو خارج النظريات القائمة، وثمة رحابة ذهنية يتطلبها فهم ودراسة الفيزياء على ما أعتقد. لذلك الخيال في الأدب مهم جدا، وبالنسبة لي كان...

“إدراك العالم” لزهير توفيق.. صورة الآخر في الوعي العربي والغربي

محمود منيرلا تقف حدود التجاذبات السياسية والإعلامية في الغرب حول الإسلاموفوبيا عند سعي تيارات يمينية إلى إقصاء المسلمين واعتبارهم عبئاً على مجتمعاتهم، أو عند الاختلاف حول تعريف محدّد لها قد يفضي إلى انتهاكات لحرية الرأي والتعبير. جدلٌ يتصاعد في أكثر من بلد أوروبي خلال الأشهر الماضية، ولا يغيب عنه أيضاً التاريخ الذي لا يزال يُنتج مقولات مسبقة تختزل العلاقة بين الإسلام والغرب على مدار مئات السنين. وربما تبدو العودة إلى الماضي مُلحّة في ظل مراجعات لا تنتهي لهذه الصلات المتوترة والمضطربة، ومنها كتاب "إدراك العالم.. الصور النمطية المُتبادَلة بين الأنا والآخر" (الآن ناشرون وموزعون، عمّان، 2025) للباحث الأردني زهير توفيق، الذي يقرأ لحظة دخول العرب إلى بلاد الشام في النصف الأول من القرن السابع الميلادي، متتبعاً نماذج مؤسسة عديدة في المدونة التاريخية والفقهية والأدبية عند المسلمين والبيزنطيين والأوروبيين، وكذلك الفرس واليهود. مطابقة العهد القديم نظرت الدولة البيزنطية وكنيستها إلى كارثة انتزاع الجزء الأكبر من أراضيها على يد المسلمين، بحسب الكتاب، بما يطابق المخيال الديني المستمدّ من العهد القديم عن شعوب الشرق والبدو (السراسين) وأحفاد سام، الذين غزوا أملاك المسيحية. وبذلك أدّى الإسلام والمسلمون، في هذه السردية، دوراً وظيفياً كونهم أداة في يد الرب أُرسلوا لعقاب المسيحيين الصالحين بجريرة الأشرار منهم على آثامهم والانحرافات العقائدية، والخلافات حول طبيعة المسيح. وُصم المسلم بالشر لدى الأوروبي...

“الخروبة”.. فلسطين في سردية رشيد الحفيد عن رشيد الجد!

بديعة زيدانيمكن توصيف "الخروبة"، الرواية الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في العاصمة الأردنية عمّان، مؤخراً، باعتبارها سيرة غيرية أيضاً، حيث أن كاتبها، رشيد عبد الرحمن النجاب، يسرد حكايات من سيرة ومسيرة جدّه الذي ورّثه اسمه، موثقاً لتلك الحقبة من السطوة العثمانية على فلسطين، وللأمكنة التي مرّ بها الجد، حيث حظي المكان بحضور طاغٍ في الرواية، علاوة على عدم القفز عن العديد من الشخصيات التاريخية المحورية، التي سارت جنباً إلى جنب مع أخرى واقعية من العامة، أو متخيّلة، في حين شكل سرد أحداث بعينها قيمة مضافة. الحدث المحوري في "الخروبة" كان تجنيد الابن الوحيد للعائلة "رشيد" في الجيش العثماني قسراً، وانعكاسات ذلك الحدث المفصلي وتحولاته على المُجنّد وعائلته المكونة من والديه وشقيقتين، فـ"رغم كون المهام التي أنجزت في دار عبد الرحمن في ذلك اليوم عادية متكررة، فإن اليوم مضى بطيئاً كئيباً مثقلاً بالقلق والترقب، وقد زاد من ذلك ندرة الأخبار المتوافرة عن تحرك فرق التجنيد، إضافة إلى حرّ تموز، فالقرية التي تختبئ بين الأشجار خلف خربة صِيّا ترقد بمنأى عن الطرق التي تربط المدن والبلدات بعضها ببعض على بدائيتها". و"خربة صِيّا"، هي إحدى خرب قرية "جِيبيا" قرب رام الله، وهي قرية "رشيد" الكاتب، ومن قبله "رشيد" الجد، الشخصية المحورية في "الخروبة"، التي هي هنا، "خروبة النحلة" القديمة التي “استقرَّت بين أغصانها نحلة...

“إدراك العالم”.. دراسة بطابع تاريخي وتحليلي في إشكالية الأنا والآخر

عزيزة عليينطلق كتاب "إدراك العالم: الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر"، للباحث الدكتور زهير توفيق، من محاولة قراءة هذه الإشكالية في مداها الزمني الواسع، من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، واستكشاف آليات تشكل صورة "الآخر" في الوعي العربي الإسلامي، كما في الوعي الغربي. ويركز على دور الثقافة، لا سيما في الأدب، والفقه، والجغرافيا، وكتب الفرق والملل والنحل، في بناء هذه الصور وتمريرها وتكريسها، بما جعل من "الآخر" مرآة مشوهة غالبا لـ"الأنا"، ومصدر تهديد دائما لها، بدل أن يكون فرصة لفهم الذات وتوسيع أفقها.يظهر الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون"، أن ثنائية "الأنا والآخر" لم تُحل، بل تتجدد بتجدد الظروف والتوترات السياسية والثقافية. كما تشير إلى أن الخطابات الليبرالية والعقلانية، رغم دعوتها للتسامح والتواصل، ظلت عاجزة عن تفكيك البنية العميقة لهذا الجدل، ما دامت تعاد صياغة الآخر بما يخدم تحولات الذات، سواء في انغلاقها أو انفتاحها.وتعد إشكالية "الأنا والآخر" من أكثر الإشكاليات الفكرية تعقيدا واستمرارية في التاريخ الإنساني، وقد شغلت حيزا واسعا في الخطاب الفلسفي والديني والسياسي عبر العصور. وفي السياق العربي الإسلامي، اتخذ هذا الجدل أبعادا متعددة، ترتبط بالهوية والانتماء والمعرفة والسلطة، إذ لم تكن العلاقة بين الذات العربية الإسلامية والآخر -سواء أكان غربيا أو شرقيا، داخليا أو خارجيا- علاقة محايدة أو متوازنة، بل كانت محكومة غالبا بمنطق المفارقة...

طاقة التأويل في رواية جسر بضفة وحيدة

مصعب محمد رشيد البدورويحدث أحيانا أن تشهد رحلة باتجاه واحد ذهاب بلا عودة، ويحدث أن تجد في هذه الرحلة مفارقات بين الواقع المقيد وانطلاقة الروح مع أحلامها، وبين المادية والروحانية، عندما تُقْلِع رحلتك من محطتها الأولى (الطفولة) إلى اللامستقر في شيء يشبه محطتها القادمة، لأنها رحلة تصاعدية تبدأ بمحطة الذاكرة ولا تمر بعدها بأي محطة، فأنت لا شكّ في رحاب عملّ أدبي من طراز مختلف.هذا ما جسدته هيا صالح في روايتها جسر بضفة وحيدة، لم يكن عجائبيا ولم يكن في اللامعقول  أن تخط هيا صالح هذا الفكر الذي يكرس الفقد كهزيمة للإنسان، ثم يجعل من الذكرى هزيمة أخرى، ومن البقاء على قيد الحياة فشلا ذريعا في الوصول إلى الهدف، فعندما تلحّ إحدى الشخصيات في العمل على الانتحار ولا يستجيب لها الموت فلا شكّ أنها ذاقت الفشل وحرمت لذة الاختيار  وإن كان الاختيار هو الموت، وعندما تنزل الحياة منزلة المعادل الموضوعي للموت، فاعلم أنك في برزخ فقدان شغف الحياة فكيف لأنثى وهي رمز الحياة أن يسكنها الموت، وأن تسلب سوية الحياة من غيرها.عودة إلى العنوان (جسر بضفة وحيدة) يعد العنوان عند النقّاد من عتبات النّص، لكنّا أمام عنوان شكّل بؤرة في بنية النّصوبهذا يبدأ النّص خروجه من الاشتراك مع النصوص  إلى الانفراد،  ويبرز هذا الجانب عند النظر في أثر اختيارات...

لون آخر للغروب.. أي العوالم كاتب وأيها مكتوب؟

سامر المجاليتفتح رواية "لون آخر للغروب" للأردنية هيا صالح؛ وهي الرواية الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربية في العام 2018، المجال أمام قارئها للبحث عن تأويلات محتملة تجمع عناصرها بعضًا ببعض اواكتشاف خيط ناظم لمجمل العمل وعناصره.يبدو الأمر في البداية هيِّنًا؛ فهناك خطان سرديان تجمع بينهما في الظاهر صلة ما. الخط الأول هو خط وفاء؛ السيدة المتزوجة، وموظفة البنك التي تعيش حياة "مستقرة" مع زوجها عماد وولديها: علياء وعبود.. تقع وفاء فجأة، وتحت تأثير صدفة غير متوقعة، في حبّ شاب عربي اسمه "كريم"، فتنجرف وتخوض الشوط معه حتى آخره، كاشفة عن فلسفة تبرر ما تقدم عليه، وروح متمردة، ورغبة حقيقية في الخروج من واقعها العقيم الذي لم يقدم لها شيئا يرضي الأنثى الكامنة في داخلها.. تخرج إلى واقع تمتلئ به روحها التي عانت مرارة اليتم والحرمان، لتشعر بعد حين من الهشاشة بأنها تعيش حياة تليق بها.تصف وفاء حالها تلك بقولها: "كان كل شيء مكتملًا من الخارج وناقصًا من داخلي"، وتؤكد ثورتها بنقد مجتمعها وبيان ما يكتنف علاقة الفرد فيه بالمجموع من غبن قائلة: "لماذا علينا أن نكون مستعارين إلى هذا الحد لنرضي خيبات العائلة في مجتمع لا يتصالح مع نفسه أبدا؟!".تكتمل تلك الدنيا المرغوبة في كريم؛ لقد كان القشة التي أخرجتها إلى الضوء، فهو شاب مبدع، عازف ومسرحي، وذو قدرة...