نافذة على الهشاشة… قراءة في «لعبة القفز من النافذة» لهدى الشماشي
أ. د. سلطان المعانيليست "لعبة القفز من النافذة" عنوانًا لواحدة من قصص المجموعة، لكنها في الحقيقة العنوان الأعمق الذي تتوارى تحته كل القصص، مثل شرفة ضيقة تطلّ على الألم، أو فتحة لا نهائية للهروب، أو مجاز يحاذي الحافة بين الحياة واللا حياة. لم يكن العنوان اختيارًا عبثيًا، بل إحالة ذكية إلى رؤية سردية وفكرية تتلبّس كامل النصوص، حيث تتكرر حركة القفز من الداخل إلى الخارج، من الذات إلى العالم، أو من عالم ضاغط إلى مجهول لا يقل قسوة. فالقفز هنا ليس موقفًا بطوليًا، هو لعبة عبثية، تُمارس في مساحة محدودة، بحجم نافذة، نافذة لا نعرف علوّها، ولا نعرف إن كانت تطلّ على شوارع، أم على هاويات، أم على فضاءات تتبدّد فيها الذات. هذا القفز المتكرر يلبس لبوسًا وجوديًا، لكنه في الآن ذاته رمز طبقي بامتياز؛ لأن الشخصيات التي تقف عند حافة النافذة، أو تتخيلها، هي دومًا من أولئك الذين تدهسهم عجلات الحياة اليومية. هي شخصيات مسحوقة، مغتربة، مأزومة، تبحث عن خلاص ولو مؤقت، ولو عبر السقوط. ومثلما تنفتح النافذة على احتمالات غير محسوبة، فإن القصص تنفتح بدورها على أسئلة لا تُغلق: من نحن حين لا نمتلك خيارًا سوى الهرب؟ ما معنى النجاة إن كان السقوط هو الطريق الوحيد إليها؟ وهل يُمكن للغة أن تعوّض الفقد؟ الكاتبة، في هذا العمل، لا تنتمي إلى...